الاثنين، 17 ديسمبر 2007

العرب وجهة نظر يابانية


إسمه نوبوأكي نوتوهارا

من الأسماء التي نقرأها مرة واحدة لكي ننساها مع إنتهائنا من نطق الحرف الأخير من الإسم

و لكنه أحد الأساتذة اليابانيين الذين تخصصوا في دراسة الأدب العربي و أمضوا أربعين عاما من البحث المتواصل في الأدبيات العربية

وجدت كتابه في أحد المكتبات في دبي كان الكتاب عادي غلافه أبيض من دون الكثير من الزركشة ،وكتب هو تعريفا بكتابه في الغلاف الخلفي في الكتاب وهي عبارة عن ثلاثة أسطر و نصف يتكلم فيها بكل تواضع عن خبرته التي دامت أربعين عاما في هذا المجال

هو كتابه الوحيد باللغة العربية و باقي كتبه عبارة عن ترجمة أعمال أدبية من اللغة العربية غلى اللغة اليابانية

كل إستغرابي كان في الفرق بين البهرجة الإعلامية التي نفتعلها نحن و الغربيين في حديثنا عن سيرتنا الذاتية كأن العالم و الكرة الأرضية تنتظر ميلادنا لكي نستلم نحن الأبطال مجريات الأمور

بينما يتكلم الشرقي عن حياته و إنجازاته كنوع من روايات الجدات

فالأصل أنه يعمل و يكد و لا ينتظر من بعد ذلك الكثير من التصفيق لأنه فعل ما كان يجب عليه فعله في تحصيل لقمة الرزق

أرجع مرة أخرى للكتاب فهو خلاصة خبرة هذا الرجل الياباني الستيني

سأقتبس بعض العبارات التي رأيت أنه يمثل بها مرآة ملساء يستطيع العربي أن ينظر لنفسه من خلالها بوضوح لكي يرى نفسه بوصف دقيق قد يحسن نظرته للنقد الذاتي

الكاتب الياباني كون الكثير من الصداقات مع أناس عرب في شتى الأقطار العربية و قام بدراسة حياة البادية في سوريا بشكل دقيق

يقول و هو يصف أحد زياراته لأحد أصدقائه العرب

المدخل كان قذرا و الدرج ايضا و لكن لدهشتي فقد وجدت عالما آخر خلف باب صديقي،كان البيت نظيفا للغاية مرتبا و أنيقا و مريحا لقد فهمت أن كل ما يخص الملكية العامة يعامله الناس كأنه عدو فينتقمون منه و لذلك نجد المقاعد في الأماكن العامة مكسرة أو مخلوعة و نجد معظم مصابيح الشوارع محطمة...لقد فكرت طويلا في ظاهرة تخريب الممتلكات العامة و فهمت أن المواطن العربي يقرن بين الأملاك العامة و السلطة و هو نفسيا في لا وعيه على الأقل ينتقم سلبيا من السلطة القمعية فيدمر بانتقامه وطنه و مجتمعه بدلا من أن يدمر السلطة نفسها تلك مظاهر السلبية التي ذكرتها إختفت تماما من المجتمع الياباني

و في كلامه عن الديموقراطية في العالم العربي ينقل لنا شعوره الخاص..يقول

إنني شبعت من كلمة ديموقراطية و كل من له علاقة بالكتاب العرب يعرف معنى التخمة من كلمة ديموقراطية و هذا الشبع الزائد الزائف يدل بوضوح على غياب الديموقراطية،فثلا تجلس مع كاتب يتحدث عن الديموقراطية بلا تعب ثلاث ساعات ولا يعطي مجالا لأحد من الحاضرين بالكلام عمليا هو يمارس الدكتاتورية أو على الأقل سلطة النجم و مع ذلك يشكو من غياب الديموقراطية أظن أن هذا النوع من الكتاب يشكو من الحاجة لمنصب رفيع في السلطة ، كلمة ديموقراطية أصبحت تميمة يرددها الجميع و يحملها الجميع بمن فيهم رجال السلطة الحاكمة ووسائل الإعلام العربية و الرسمية

و يقول في وصف الحس العام في التعامل

تغيب الثقة فيحل محلها المنفعة المتبادلة و نحن نسمع دائما تعابير من نوع:عشان خاطرك! و هكذا تحدث أشياء غير قانونية و يتبادل الذين يخالفون القوانين الحماية و المكاسب


إستمتعت كثيرا في قراءة هذا الكتاب و في هذه الرحلة التي لخصها بمئة و أربعين صفحة ووجدت الياباني يعرفني بأسماء أدباء لم أكن أعرفهم إن روح التواضع و الأريحية في الكلام هي من الصفات التي أقدسها في المرء

و قد ذكر أن اليابان لا تخلوا من عيوب و ذكر إسم أحد رؤساء الوزراء الذي قام باختلاس و تمت معاقبته و هكذا

و لكن شهادته في واقع العالم العربي شهادة نحتاج إليها و إلى أمثالها لكي نكون صورة عامة في تدارك الأخطاء التي نعيشها

ليست هناك تعليقات: