
من الغريب أنني عندما أريد أن أنظر لنفسي و أعرف عن نفسي فإنني أُعَرِفُهَا من خلال أمور خارجية
من خلال أشخاص آخرين من خلال مواقف رأيتها و من خلال أمثلة سمعتها
و الحقيقة أن نزعة الإستقلالية تغزو فكري بين الحين و الحين و لكن الحقيقة أن الطبع يغلب التطبع
فآنا أرى جزئا من ذاتي في أغلب الذين أقابلهم ولو لمرة واحدة
أنظر إلى وجهه فأقول أجل هذه الإبتسامة التي أرتضيها لنفسي و أنظر إلى مشيته فأقول هكذا يجب أن يمشي الواثق من نفسه
و أسمع نبرة حديثه فأقول نعم لابد أن طريقة الكلام هذه ساحرة
أحيانا أرى نفسي في صحفي يكتب في عموده يصنع الملامح و يضع لنفسه على إستحياء معالم البطل الذي يبرز القضية
و أحيانا أكون رياضيا و سياسيا و أديبا...و ربما أكون خليط من الكثير من الشخصيات التي أستحسنها و أألفها
ومع هذه الربكة في تعريف الذات أعلل ذلك أنني احيانا اشعر بالوحدة فأذهب لأقحم جسدي في اي تجمع لعلي أشعر بدفء الجماعة و روح الحياة..كثيرا ما أجد نفسي بين أناس لا أعرفهم جيدا أرى أعينهم في أحلام اليقظة كلماتهم لا تعبر سوى عن بعض الضوضاء التي لابد لهم
أن يحدثوها لكي يقتلوا شبح الصمت
ساعتها أقول لنفسي
إني لأفتح عيني حين أفتحها على الجميع و لكن لا أرى أحدا
غريب و موحش هذا الشعور أن تستيقظ من النوم لتعلم أنه لا يوجد من يحسبك نائما ولا ينتظر أحدا إستيقاظك
و كثيرا ما أجد أناسا أكثر ودية ترى قبس النور في عيونهم و معنى الحياة في ألفاظهم و مشاعرهم تعانق أرواحهم و ليس هناك أجمل من أرواحهم ..و لكن حتى مع هؤلاء يظل هذا الشعور ينتابني
نعم أرى نفسي غجريا لا يؤمن بالمسكن و الموطن و بدويا يبحث عن بيت شعر يؤوي به..أرى نفسي عداء الجري السريع الذي يبذل كل ما آتاه الله من قوة لكي يسبق من معه فلا يضطر أن يرى أحدا عن يمينه أو شماله...
أعترف هنا لنفسي...و آنا الكاتب المجهول لقراء مجهولين...أن الغربة مكون أساسي في شخصيتي
و لكنني أرى ذلك من منظار إيجابي...فالإبتعاد عن الشيء يجعلك تراه بصورة أفضل و لم يتمكن الإنسان من رؤية مدى جمال العام و محيطاته إلا بعدما فارقه بآلاف الأميال خارج الغلاف الجوي...فربما أرى الأشياء أجمل و آنا بعيد عنها
كم هو جميل القمر و هو بعيد و لإن هبطنا عليه لرأينا عواصفه و زوابعه و رماله ذات اللون الباهت
الحمد لله أنني غريب عن كل شيء في عالم يعرف بعضه بعضا جيدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق