تكرار المواقف و تكرار الألفاظ و تكرار الأفعال يعد المكون الأساسي لأصل سلوكيات الإنسان
فالتكرار يؤدي إلى التعود و التكرار هو أفضل وسيلة لكي نوصل المعلومة إلى العقل الباطن
على سبيل المثال....تكرار قصيدة سهلة النطق لمئة مرة يجعلنا نحفظ هذه القصيدة عن ظهر قلب
و تكرار ضربة معينة بمضرب البيسبول أو التنس و نحن نستقبل الكرة من زاوية معينة لألف مرة يجعلنا نستجيب بنفس الطريقة إذا أتت الكرة من هذه الزاوية في المستقبل
فالتكرار بمثابة الحفر في الأرض لوضع أساسات المنزل الذي يتم بنائه
و لكن هل يفيد التكرار دائما؟؟
شخصيا كنت أردد بعض العبارات أو القصائد التي كنت أريد أن أحفظها...و أكررها كثيرا
و مع ذلك لا أحفظها و أخطأ كثيرا فيها
السبب الأساسي لذلك هو أن التكرار يحتاج إلى إستحضار للذهن و ربط الأمور المكررة بكثافة حسية
أي أن التلميذ الذي يكرر هذا البيت
إذا رأيت نيوب الليث بارزةً فلا تظنن أن الليث يبتسم
فالتكرار أن يعيد قرائة هذا البيت و بصوت مسموع عدة مرات و هذا واضح
أما الإستحضار الذهني فهو أن لا يكون ذهنه مشغولا بامر خارجي فلا يقول هذا البيت و هو يفكر في مبارات كرة القدم التي ستبدأ بعد نصف ساعة فهذا يذهب التركيز على هذا النص و يجعل الشخص كأنه لا يقرأ شيئا بينما صوته يعود و يكرر النص
و أما الكثافة الحسية فهي أن يربط معنى البيت بإحدى حواسه و مشاعره....و الأفضل أن تكون حاسة البصر
بأن يربط معنى البيت بصورة معينة لليث له لون مألوف أو لون غريب
الليث الأبيض مثلا : )
فالربط بين النص و الصورة من أنجع و أفضل الطرق لربط الأفكار...و لذلك تجد الأطفال بشهيتهم المفتوحة للمعرفة و لكن بطرق غير
مباشرة يفضلون الصور دائما على النصوص و الكلام
و في بداية قصة أليس في بلاد العجائب
تنظر أليس إلى الكتاب الذي كانت تقرأه اختها الأكبر منها سنا فتقول كيف تقرأ كتابا ليس فيه صور!!و لسان حالها يقول هذا لعمري شيءعجاب
يقول أحدهم
العلم يحلو كلما كررته ولذك عدت مكررا لحلاوته
لست متأكدا من أن العلم يحلو مع التكرار و لكنني متأكد من أنه يثبت مع التكرار
و لعل العلم الذي يحلو بالتكرار هو العلم الشرعي
أرجع مرة أخرى للكثافة الحسية...و هذا يعد طريقة علاج قائمة بذاتها و لها عيادات متخصصة تستعمل الكثافة الحسية في معالجة من يعانون من مشاكل نفسية أو صعوبات في مواجهة بعض المواضيع....فالكثافة الحسية فن قائم بذاته و علاج مستقل له طرقه و أساليبه
Emotionally Focused Therapy اسمه باللغة الإنجليزية
EFT و يطلق عليه إختصارا
***
عبدالله كان موظفا يعمل في أحد البنوك الخاصة كان موظفا عاديا بكل المقاييس ...و لكن عيبه القاتل أنه يتأخر عن موعد العمل و بشكل يومي و بمدد متفاوته...مشكلة عبدالله أن القيام باكرا مرتبط بذهنه بالتعب الجسدي...و النوم لمدة أطول نسبيا مما يجب عليه أن ينامه يعد في نظره مرادف للراحة الجسدية
فالربط بين فعل و بين الشعور بالإعياء
و الفعل هنا هو الإستيقاظ باكرا....و الشعور الذي ربطه به هو الإعياء
يحتاج هنا أن يركز على ربط الإستيقاظ باكرا بشعور جميل يحبه
بشعور بالنشوة و الفرح و السعادة و يربطها بمعاني إيجابية يؤمن بها
على سبيل المثال يتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم
بارك الله لأمتي في بكورها
فيربط الإستيقاظ باكرا بالبركة و يجعل من ذلك منهاجا في حياته في الربط بين الأفعال التي يستقي منها المنافع و بين الشعور الإيجابي
فأغلب مشاعرنا السلبية نحملها إتجاه أفعال نشعر أننا أجبرنا عليها و نفضل أن نقوم بغيرها بدلا عنها و بالتالي نقوم تلقائيا بربط هذه الأفعال بمشاعر سلبية بالإحباط و الخيبة و التعب الجسدي و غيرها
فإذا أراد أن يلغي الشعور السابق لابد أن يضع عوامل خارجية تخالف شعوره السلبي السابق
فيضع الحلوى المفضلة لديه عند سريره و يغطيها لكي يأكلها عندما يستيقظ في باكرا و في الوقت المناسب و يقرأ قصيدة شعرية من الديوان المفضل لديه مثلا و هو يشرب فنجان من القهوة عندما يستيقظ صباحا...أعلم أن هذه الأمور لا تعني شيئا للبعض و لكنها موضوعة للقياس طبعا
فمنال تربط بين التفوق الدراسي و بين العيش عيشة ضنكا و مملة
فبالتالي من المستحيل أن تقبل على الدراسة لأن النتيجة المنطقية في مخيلتها أن مؤدى الدراسة سيكون شعور بالضنك و الملل
***
تابع ملاحظتك معي أخي الكريم و اشحذ حضورك الذهني معي
أليس كل أمنيات الدنيا تنتهي إلى مشاعر؟؟
هذه الجملة تعلمتها من الدكتور صلاح الراشد و الذي تعلمت منه الكثير
فهو يقول إن الشخص الذي تكون أمنية حياته شراء سيارة....فنسأله و إذا إشتريت هذه السيارة ماذا سيحدث؟؟ يقول سأشعر بالراحة
و إذا كانت رغبته بالزواج و سألناه ماذا سيحدث إذا تزوجت يقول سأشعر بالسعادة
فكل الطموحات و الأمنيات و الرغبات تنتهي إلى شعور معين
و المسألة أقرب إلى لعبة توصيل بين الكلمات...و يجب عليك أن تربط الأفعال التي تحقق بها طموحاتك بمشاعر إيجابية
حظا موفقا في لعبة التوصيل الخاصة بحياتكم ^_^
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق